الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فَفَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَوِي الِاسْتِطَاعَةِ لِلسَّبِيلِ حَجَّ الْبَيْتِ الَّذِي بِبَكَّةَ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْمُحْكَمِ الْمَوْقُوفِ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْوَقْتَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ الْحَجُّ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى ذَوِي الِاسْتِطَاعَةِ لِذَوِي السَّبِيلِ مِنْ عِبَادِهِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا فِي غَيْرِهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}. 1108- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، قَالَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ". 1109- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا مَعْنًى وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِهِ: " وَذُو الْحِجَّةِ "، مَا فِيهِ الْحَجُّ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَكَانَ السَّبِيلُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْوُصُولُ إِلَى الْبَيْتِ الْمُفْتَرَضِ الْحَجُّ إِلَيْهِ، هَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا اخْتِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي حِكَايَتِهِ عَمن حَكَى عَنْهُ: {هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ}، أَوْ: {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}، أَيْ إِلَى مَرَدٍّ أَوْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ وُصُولٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ مَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْحَجِّ الَّذِي افْتَرَضَهُ عَلَى ذَوِي الِاسْتِطَاعَةِ مِنْ عِبَادِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، هَلْ هُوَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا؟ وَبَيَّنَهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1110- فَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، وَأَبُو أُمَيَّةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصَةَ الْقُرَشِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي شَيْبَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَجُّ كُلُّ عَامٍ؟ قَالَ: " بَلْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَسْمَعُوا، وَلَمْ تُطِيعُوا ". 1111- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ "، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، ثُمَّ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ ". 1112- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1113- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً؟ فَقَالَ: " بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ ". 1114- حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَا قَوْمُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ " فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: " لَا، بَلْ هِيَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ حَجَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ، وَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ عَلَيْكُمْ، فَإِذًا لَا تَسْمَعُوا وَلَا تُطِيعُوا ". 1115- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي مُوسَى بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنِ حُمَيْدٍ الْيَحْصَبِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ. 1116- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أَتَى رَجُلٌ أَوْ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَجٌّ كُلُّ عَامٍ؟ فَقَالَ: " لَا، بَلْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَلَوْ قُلْتُ كُلُّ عَامٍ، كَانَ كُلَّ عَامٍ ". 1117- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا، بَلْ حَجَّةٌ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَنْ يَتَطَوَّعَ فَلْيَتَطَوَّعْ بَعْدُ، وَلَوْ قُلْتُ: كُلُّ عَامٍ، كَانَ كُلَّ عَامٍ ". 1118- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: " لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا، وَلَوْ لَمْ تَقُومُوا بِهَا عُذِّبْتُمْ " قَالَ أَحْمَدُ: مَا سَمِعْتُهُ إِلَّا مِنَ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ. 1119- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحَجِّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ " قَالُوا: كُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَوْ قُلْتُ: " نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ مَا أَطَعْتُمُوهَا، وَلَوْ تَرَكْتُمُوهَا كَفَرْتُمْ " وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عَلَيْهِ. 1120- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: " {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلُّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، فَأَعَادَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَسْكُتُ عَنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ قُلْتُ: كُلُّ عَامٍ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَكَفَرْتُمْ "، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا أَيْضًا مِثْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَفِيهِ: نَهَى الله عَزَّ وَجَلَّ النَّاسَ عَنْ سُؤَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مِثْلِ هَذَا حَتَّى يَكُونَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئُهُمْ بِمُرَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ، وَبِمَا رُوِيَ فِيهِ، وَبِمَا تَأَوَّلَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ. 1121- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " خَطَبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: " لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَمَا اسْتَطَعْتُمْ " قَالَ: " ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا أُهْلِكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ". 1122- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْعُمَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُطِيعٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، يَقُولُ: " قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ "، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُغْضِبَ، فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ تَكَلَّمَ فَقَالَ: " مَنْ هَذَا السَّائِلُ؟ " فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: أَنَا فَقَالَ: " وَيْحَكَ، مَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ أَقُولَ: نَعَمْ؟ وَاللهِ لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَكَفَرْتُمْ، أَلَا إِنَّهُ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِكُمْ أَئِمَّةُ الْحَرَجِ، وَاللهِ لَوْ أَنِّي أَحْلَلْتُ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ، وَحَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ مِنْهَا مَوْضِعَ خُفِّ بَعِيرٍ لَوَقَعْتُمْ فِيهِ " قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ ذَلِكَ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَعَقَلْنَا بِهَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَا أَنَّ الْفَرْضَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ مُسْتَطِيعٍ لِلسَّبِيلِ مِنْ عِبَادِهِ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، لَا أَكْثَرَ مِنْهَا مِنَ الْحَجِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ السَّبِيلَ الَّتِي أَوْجَبَتِ الْحَجَّ عَلَى مُسْتَطِيعِهَا هِيَ الْوُصُولُ إِلَى الْبَيْتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا: 1123- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ: " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا السَّبِيلُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: " الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ هَذَا الْجَوَابُ أَيْضًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ لَا يَصِلُ إِلَى الْبَيْتِ إِلَّا بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، لَا فِيمَنْ سِوَاهُ مِنْ حَاضِرِي الْبَيْتِ الَّذِي يَصِلُونَ إِلَيْهِ بِلَا زَادٍ، وَلَا رَاحِلَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُطِيقِينَ مِنْ مَكَّةَ الْقَادِرِينَ عَلَى الْحَجِّ عَلَى أَرْجُلِهِمْ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ، وَمِمَّنْ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ، وَإِنْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ اللَّذَيْنِ لَا يَصِلُ النَّائِي عَنِ الْبَيْتِ إِلَى الْبَيْتِ إِلَّا بِهِمَا فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ السَّبِيلَ هِيَ الْوُصُولُ، وَلَمَّا كَانَ النَّاءُونَ عَنِ الْبَيْتِ يَخْتَلِفُونَ فِي مَقَادِيرِ الْأَزْوَادِ وَالرَّوَاحِلِ الَّتِي يَكُونُونَ بِهَا مِنْ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ فَيَتَفَاضَلُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَقَادِيرِ حَاجَاتِهِمْ إِلَيْهِ، وَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ عَلَى قُرْبِ أَمَاكِنِهِمْ وَبُعْدِهَا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ إِنَّمَا أُرِيدَا سَبَبًا لِلْوُصُولَ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا مَنَعَ الْوُصُولَ مِمَّا سِوَى عَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ كَالْعَدُوِّ، وَكَالسِّبَاعِ، وَكَالسُّيُولِ، وَكَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِ عَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَدَلَّتْ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْقُوَّةِ لِلْأَبْدَانِ الَّتِي بِهَا يُصَارُ إِلَى الْبَيْتِ، فِي مَعْنَى عَدَمِ مَا سِوَى مَا لَا يُصَارُ إِلَى الْبَيْتِ إِلَّا بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ عَجَزَ بِكِبَرِ السِّنِّ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ وَعَنْ رُكُوبِ الرَّوَاحِلِ إِلَيْهِ ما: 1124- قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: " اسْتَقْبَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: " حُجِّي عَنْ أَبِيكِ "، وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ؟ فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ شَابَّةً وَشَابًّا، فَلَمْ آمَنَ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا ". 1125- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عبَاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ " إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ " وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. 1126- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ؟ قَالَ: " حُجِّي عَنْهُ ". 1127- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ، وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: " وَأَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتُهُ عَنْهُ، أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَاحْجُجْ عَنْهُ ". 1128- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. 1129- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلًى لِابْنِ الزُّبَيْرِ يُقَالُ لَهُ: يُوسُفُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَوِ الزُّبَيْرُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، قَالَتْ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فقَضَيْتَهُ، قُبِلَ مِنْكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: " فَاللهُ أَرْحَمُ، حُجَّ عَنْ أَبِيكَ " فَكَانَ هَذَا السُّؤَالُ مِنْ هَذِهِ السَّائِلَةِ أَوْ مِنْ هَذَا السَّائِلِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَبِيرٍ عَاجِزٍ بِالْكِبَرِ الَّذِي لَا يُرْجَى خُرُوجُهُ مِنْهُ إِلَى صِحَّةٍ يَصِلُ بِهَا إِلَى الْحَجِّ، فَأَجَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي سَأَلَهُ مِنْهُمَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِهِ إِيَّاهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْفَعْ فَرْضَ الْحَجِّ عَنْ ذَلِكَ الْكَبِيرِ بِعَجْزِ بَدَنِهِ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، إِذْ كَانَ وَاجِدًا مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ الْحَجَّ إِلَيْهِ وَكَانَ تَرْكُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، سُؤَالِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْ ذِكْرِنَا: هَلْ لِأَبِيكَ مِنَ الْمَالِ مَا يُمَكِّنُهُ أَنْ يَحُجَّ مِنْهُ غَيْرُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ لَا، لِمَا رَأَى مِنْ بَذْلِ سَائِلِهِ نَفْسَهُ لَلْحَجِّ عنْ أَبِيهِ، لِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ صَارَ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْوَاجِدِينَ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، فَاكْتَفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَشْفِ أَحْوَالِهِ بِذَلِكَ عَمَّا سِوَاهُ وَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْرَجَ حُكْمَ الْحَجِّ مِنْ حُكْمِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي عَلَى الْأَبْدَانِ سِوَاهُ، مِثْلُ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يَقْضِيهَا أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، فَجَعَلَ لِلْعَاجِزِ عَنْ تَأْدِيَةِ الْحَجِّ بِبَدَنِهِ أَنْ يَحُجَّ غَيْرُهُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَ الْخَثْعَمِيَّ أَوِ الْخَثْعَمِيَّةَ بِالْحَجِّ عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَنْ أَبِيهَا، وَفِي إِطْلَاقِهِ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَالْفَضْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَجَّ الرَّجُلِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ فِي الَّذِي سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، هُوَ مَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَالْفَضْلِ عَلَى أَنَّهُ امْرَأَةٌ، لَا فِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ لَمَّا أَقْبَلَ بِبَصَرِهِ عَلَى ذَلِكَ السَّائِلِ حَتَّى قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً، فَلَمْ آمَنَ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمَا " وَلَمَّا اسْتَدْلَلْنَا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ السَّبِيلَ إِلَى الْحَجِّ هِيَ الْوُصُولُ إِلَيْهِ، كَانَ مَنْ كَانَ غَيْرَ وَاصِلٍ إِلَى الْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ تَلْحَقْهُ فَرِيضَةُ الْحَجِّ بِالْكِتَابِ، وَلَكِنْ لَحِقَتْهُ بِالسُّنَّةِ، فَكَانَ حُكْمُهُ فِي حَجِّ غَيْرِهِ كَحُكْمِهِ فِي حَجِّهِ عَنْ نَفْسِهِ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ، وَثَبَتَ بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَجُّ عَلَى الْوَاصِلِينَ، وَثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ عَلَى الْعَاجِزِينَ الْوَاجِدِينَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْدُ ذَلِكَ الْمُكَلَّفِينَ الْبَالِغِينَ الْأَصِحَّاءَ الْعُقُولِ الْأَحْرَارَ مِنَ الرِّجَالِ فَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ لَا يَكُنَّ وَاجِدَاتٍ لَلسَّبِيلِ إِلَّا بِمَا ذَكَرْنَا وَبِوُجُودِ الْأَزْوَاجِ، أَوْ ذَوِي الْمَحَارِمِ الْمُحَرَّمَاتِ، الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مَعَهُنَّ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ مَا: 1130- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَقَالَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ "، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدِ اكْتَتَبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَحُجَّ امْرَأَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ. 1131- " وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا السَّفَرُ إِلَّا مَعَ زَوْجِهَا أَوْ مَعَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ مَعَهَا كَزَوْجِهَا مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهَا وَلَمَّا لَمْ يَسْأَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ عَنْ ذَلِكَ الْحَجِّ، هَلْ هُوَ فَرِيضَةٌ أَوْ تَطَوُّعٌ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهَا عِنْدَهُ فِي حَاجَةِ الْمَرْأَةِ إِلَى الزَّوْجِ أَوْ إِلَى ذَوِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمَةِ فِيهِمَا، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا عَلَى مَا تُسَافِرُ بِهِ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا عُدِمَتْ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ مِنْ مُسْتَطِيعِي السَّبِيلِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُوَقَّتْ لَنَا فِي السَّفَرِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقْتًا، وَوَجَدْنَا مَا سِوَاهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا فِيهِ وَقْتٌ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَهُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا وَوَجَدْنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ حُرْمَةَ الرَّضَاعَةِ كَحُرْمَةِ الْوِلَادَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا: 1132- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَبَحْرٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ؟ فَقَالَ: " أَتُرَاهُ فُلَانٌ؟ "، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ كَانَ فُلَانٌ، لِعَمٍّ لَهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ حَيًّا، دَخَلَ عَلَيَّ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ ". 1133- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ عَمُّكِ فَأْذَنِي لَهُ " قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ " قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَمَا ضُرِبَ الْحِجَابُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: " يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَخَّرْنَاهَا لِنَذْكُرَهَا عِنْدَ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}، مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ هَذَيْنِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرَّضَاعِ مِنَ الرَّجُلِ وَمِنَ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْحُرْمَةِ بِالْأَنْسَابِ، وَالْأَرْحَامِ الْمُحَرَّمَاتِ وَمِمَّا يَدُلُّ أَنَّ كُلَّ ذِي رَضَاعٍ لوَ كَانَ مَكَانَ النَّسَبِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ الرَّضَاعُ ذَا نَسَبٍ يَحِلُّ لَهُ بِهِ السَّفَرُ بِالْمَرْأَةِ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ حَلَّ لَهُ السَّفَرُ بِهَا، وَحَلَّ لَهَا السَّفَرُ مَعَهُ، فَهَكَذَا نَقُولُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا عَلَيْهَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهَا الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ جَمِيعًا، وَهَكَذَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِمَّا لَمْ نَجِدْ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِمَّا يُرَادُ بِهِ مِنَ الشُّهُورِ، وَيَتْلُو ذَلِكَ مِنَ الْآيَةِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، وَكَانَ يَعْنِي قَوْلُهُ جَلَّ وَتَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، أَيْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ فِيهِنَّ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ جَلَّ وَتَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، أَيْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ فِيهِنَّ، كَانَ ذَلِكَ الْإِيجَابُ فِيهِنَّ أَوْ قَبْلَهُنَّ، لِأَنَّ الْحَجَّ الَّذِي يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِيهِنَّ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ الْحَجَّ فِيهِنَّ، فَيَكُونُ عَنِيَ الْإِيجَابَ وَالْحَجَّ جَمِيعًا فِيهِنَّ، وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فِيهِنَّ}، أَيْ فِي بَعْضِهِنَّ، لِأَنَّ الْإِيجَابَ الَّذِي أَرَادَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {فِيهِنَّ} إِنْ كَانَ الْحَجَّ، فَإِنَّ الْحَجَّ إِنَّمَا يَكُونُ فِي بَعْضِ أَحَدِهِنَّ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْإِحْرَامُ فَإِنَّمَا يُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيْضًا فِي سَاعَةٍ مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فِيهِنَّ}، أَيْ فِي جَمِيعِهِنَّ، وَلَا أَوْجَبَ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَنْ يُحْرِمَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ حَتَّى يَكُونَ فِي شُهُورِ الْحَجِّ كُلِّهَا مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَأَنَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ فِيهِنَّ، كَانَ ذَلِكَ الْإِيجَابُ فِيهِنَّ أَوْ قَبْلَهُنَّ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ لِلنَّاسِ جَمِيعًا أَنْ يُحْرِمُوا بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَفِيمَا قَبْلَهُنَّ، ثُمَّ لَا يَكُونُ الْحَجُّ الَّذِي يُوجِبُونَهُ إِلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُقْضَى فِيهِ الْحَجُّ مِنْ شُهُورِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ الثَّانِي، وَأَنَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ إِيجَابُ الْحَجِّ وَقَضَاءُ الْحَجِّ فِيهِنَّ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنَ الْإِحْرَامِ بِهِ قَبْلَهُنَّ، لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مَوَاقِيتٍ مَعْلُومَاتٍ ذَكَرَهَا وَسَمَّاهَا، وَسَمَّى أَهْلَهَا وَالْمَارِّينَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا: 1134- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، ثُمَّ قَالَ: " هِيَ لَهُمْ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، فَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ، فَمِنْ حَيْثُ يُنْشِئُ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ ". 1135- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَرْقَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنِ امْرَأَةٍ حَاجَّةٍ مَرَّتْ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَتْ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَالَ لَهَا: يجزِيهَا لَوْ تَقَدَّمَتْ إِلَى الْجُحْفَةِ فَأَحْرَمَتْ مِنْهَا فَقَالَ عَمْرٌو حَدَّثَنَا طَاوُسٌ، وَلَا يُحْسَبَنَّ فِينَا أَحَدٌ أَصْدَقُ مِنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، غَيْرَ قَوْلِهِ: " فَمَنْ كَانَ أَهْلُهُ "، إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ. 1136- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ". 1137- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ نَافِعًا فَلَمْ يَكُنْ تَوْقِيتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ مَانِعًا لَهُمْ مِنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَهَا، لِأَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ بَعْدَهَا لَزِمَهُ الْحَجُّ بِاتِّفَاقِهِمْ جَمِيعًا، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيهِ عَلِمْنَاهُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِتَوْقِيتِهَا هُوَ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ مِنْهَا غَيْرَ مُتَقَدَّمٍ لَهَا وَلَا مُتَأَخَّرٍ عَنْهَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْمَوَاقِيتُ الَّتِي ذَكَرْنَا لِلْإِحْرَامِ لَا يُمْنَعُ مِنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَهَا مُسِيئًا، كَانَ الْأَوْقَاتُ أَيْضًا لِلْإِحْرَامِ لَا يُمْنَعُ مِنَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَهَا فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُحْرِمُ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ؟ قَالَ: لَا وَلَمْ نَجِدْ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَا يُخَالِفُهُ قِيلَ لَهُ: لَكِنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ جَابِرٌ فِي هَذَا. 1138- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ الْمُرَادِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ: " {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}؟ قَالَ: تُحْرِمُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ " فَهَذَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ جَوَابًا لِقَائِلِهِ عَنْ تَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْ تَأْوِيلِهَا، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْإِتْمَامَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمَذْكُورُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ يُنْشِئُهُمَا الَّذِي يُرِيدُهُمَا وَقَدْ كَانَ هَذَا الْجَوَابُ مَنْهُ، وَلِلْمُسْلِمِينَ بِلْدَانٌ مَسَافَةُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَكْثَرُ من مُدَّةِ شُهُورِ الْحَجِّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْهَا الَّذِي يُوَافِي مَكَّةَ فِي إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ إِحْرَامُهُ ذَلِكَ إِلَّا قَبْلَ شُهُورِ الْحَجِّ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَجَمَعَ النَّاسَ جَمِيعًا فِي جَوَابِهِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ بَعِيدِ الدَّارِ مِنْهُمْ مِنْ مَكَّةَ، وَلَا بَيْنَ قَرِيبِ الدَّارِ مِنْهُمْ مِنْهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِطْلَاقِهِ لِلنَّاسِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَا، لِأَنَّ عَلِيًّا أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ تَأْوِيلُ آيَةٍ أُخْرَى مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ جَابِرٍ، وَلَا عَمَّنْ سِوَاهُ وَسِوَى عَلِيٍّ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَأْوِيلِ تِلْكَ الْآيَةِ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَلِيٍّ تَأْوِيلَهَا، وَجَابِرٌ فَإِنَّمَا رُوِيَ لَنَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْ رَأْيِهِ وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ مِنْ ذَلِكَ أَدَلَّ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَذْهَبِ عَلِيٍّ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ شُهُورِ الْحَجِّ، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَدْ كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، تَقُولُ: إِنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ يُوجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ بِهِ عُمْرَةً، وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ حَجَّةً، وَهَذَا الْقَوْلُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ التَّأْوِيلِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْآثَارِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ كَمَا أَحْرَمَ بِهِ، أَوْ يَكُونَ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ الْحَجُّ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ، فَيَكُونُ كَمَنْ لَمْ يُحْرِمْ بِهِ، وَيَكُونُ لَمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ بِإِحْرَامِهِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي غَيْرِهِ، كَرَجُلٍ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ دَاخِلًا فِيهَا، وَلَا فِي غَيْرِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا رَدَدْتُ إِحْرَامَهُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَى أَنْ جَعَلْتُهُ عُمْرَةً، لِأَنِّي رَأَيْتُ الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ قَدْ رُدَّ إِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ إِلَى عُمْرَةٍ فَقِيلَ لَهُ: تُحِلُّ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْكَ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ فَرُدَّ إِحْرَامُهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ لِفَوْتِ الْحَجِّ إِيَّاهُ قَالَ: فَكَذَلِكَ رَدَدْتُ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ لِتَقَدُّمِهِ فِي إِحْرَامِهِ وَقْتَ الْحَجِّ قِيلَ لَهُ: وَهَلْ أَعَدْنَا إِحْرَامَ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِالْحَجِّ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ بِهِ إِلَى أَنْ جَعَلْنَاهُ عُمْرَةً؟ إِنَّمَا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يُحِلَّ مِنْ حُرْمَةِ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْحَجِّ، وَذَلِكَ مَا هُوَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنَ الْحَجِّ الَّذِي كَانَ دَخَلَ فِيهِ، لَا مَا سِوَاهُ مِمَّا قَدْ فَاتَهُ مِنْهُ وَكَيْفَ يَكُونُ مُعْتَمِرًا بِغَيْرِ تَلْبِيَةٍ يَسْتَأْنِفُهَا وَيَدْخُلُ بِهَا فِي الْعُمْرَةِ؟ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ أَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَحَلَقَ، أَنَّهُ قَدْ حَلَّ، وَقَضَى مَا عَلَيْهِ مِمَّا يُوجِبُهُ فَوَاتُ الْحَجِّ عَنْهُ إِلَّا مَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ مَنْ يُوجِبُهُ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَأَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيهِ، وَمَا يَدْخُلُ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيهِ، وَمَا يَصِحُّ فِي ذَلِكَ بِآثَارٍ أَوْ بِقِيَاسٍ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: يُحِلُّ بِعُمْرَةٍ، أَيْ يُحِلُّ بِمِثْلِ مَا يُحِلُّ بِهِ الْمُعْتَمِرُ، وَإِنْ كَانَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْحَجِّ الَّذِي قَدْ فَاتَهُ، لَا لِعُمْرَةٍ يَأْتَنِفُهَا، أَوَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أُمِرَ أَنْ يُلَبِّيَ لَهَا إِلَى وَقْتٍ مَا، فَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ تَقُولُ: إِلَى اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: إِلَى أَنْ يَرَى عُرُوشَ مَكَّةَ؟ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ، وَمَا يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَالَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ لَا يُلَبِّي قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ حَتَّى يَرَى عُرُوشَهَا فِي قَوْلِ الَّذِينَ يُوجِبُونَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ، وَلَا يُلَبِّي بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ فِي قَوْلِ الَّذِينَ يُوجِبُونَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ، أَوَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ، فَأَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ أُمِرَ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا إِلَى الْحِلِّ حَلَالًا فَيُحْرِمَ بِهَا مِمَّا هُنَاكَ، ثُمَّ يَدْخُلَ إِلَى الْحَرَمِ فِي حُرْمَتِهَا، وَهَذَا الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ إِلَى الْحَرَمِ بَعْدَ فَوَاتِ الْحَجِّ إِيَّاهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْحِلِّ حَتَّى يُلَبِّيَ مِنْهُ بِالْعُمْرَةِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ، وَلَكِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيَحْلِقَ، فَيَحِلُّ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فِي قَوْلِ الطَّائِفَةِ الَّتِي تُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ قَدْ فَاتَتْهُ أَعْمَالُ الْحَجِّ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَمِنَ الْإِقَامَةِ بِمِنًى وَبعَرَفَةَ، وَبِالْمُزْدَلِفَةِ، وَذَلِكَ فِيمَا إِذَا فَاتَ لَمْ يُقْضَ، لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَلَمْ يُطْلَقْ لِلنَّاسِ أَنْ يَفْعَلُوهُ إِلَّا فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ وَفِي الْحَجِّ أَشْيَاءُ سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَمْ تُحْصَرْ بِأَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ، وَهِيَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأُمِرَ الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِأَنْ يَفْعَلَ مِنَ الْحَجِّ مَا لَا وَقْتَ لَهُ مَعْلُومًا، ثُمَّ يَحْلِقَ، فَيَحِلُّ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُؤْمَرْ أَنْ يَفْعَلَ مَا فَاتَهُ وَقْتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ عَامِلًا قَائِلًا، فَيَفْعَلُ فِيهِ مَا قَدْ فَاتَهُ فِي حَجِّهِ الْأَوَّلِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إِلَّا وَهُوَ حَرَامٌ، وَأُمِرَ مَعَ ذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِتَمَامِ الْحَجِّ، لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ الْحَجَّ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَّا مِثْلَ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْخَارِجُ من الْأَسْبَابِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا، وَأَلا يَقْصُرَ عَنْهَا فِي الْحَجِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَأْوِيلَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، وَأَنَّ ذَلِكَ الْفَرْضَ هُوَ الْإِيجَابُ لِلْحَجِّ بِالدُّخُولِ فَيهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ كَيْفَ ذَلِكَ الدُّخُولُ، وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعَطَاءٍ، مَا: 1139- قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، قَالَ: " مَنْ أَحْرَمَ فِيهِنَّ ". 1140- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاء، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَطَاءٍ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، قَالَ: " التَّلْبِيَةُ " وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَعَلَى أَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَنْ يُلَبِّيَ لَهُ، فَيَدْخُلُ بِالتَّلْبِيَةِ، كَمَا يَأْمُرُونَ مَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ لِصَلَاةٍ بِالتَّكْبِيرِ لَهَا حَتَّى يَدْخُلَ بِهِ فيها وَكَانَتِ التَّلْبِيَةُ الَّتِي يَأْمُرُونَهُ بِهَا قَدْ رُوِيَ لَنَا فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما: 1141- قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " كَانَ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ ". 1142- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: إِنِّي لَأَحْفَظُ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي، فَذَكَرَتْ مِثْلَهُ سَوَاءً. 1143- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " تَلَقَّيْتُ التَّلْبِيَةَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ ". 1144- مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ كَذَلِكَ ". 1145- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ كَذَلِكَ ". 1146- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَبَّى فِي حَجِّهِ كَذَلِكَ ". 1147- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، وَفَهْدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، بِذَلِكَ أَيْضًا. 1148- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1149- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، جميعا، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرْقِيُّ بْنُ قَطَامِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَلْقٍ الْعَائِذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ شَرَاحِيلَ بْنَ الْقَعْقَاعِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ، يَقُولُ: " لَقَدْ رَأَيْتُنَا مُنْذُ قَرِيبٍ، وَنَحْنُ إِذَا حَجَجْنَا نَقُولُ: لَبَّيْكَ تَعْظِيمًا إِلَيْكَ عُذْرًا هذه زُبَيْدُ قَدْ أَتَتْكَ قَسْرًا تَغْدُو بِهَا مُضَمَّنَاتٍ شَزْرًا يَقْطَعْنَ حَيْنًا وَحِبَالًا وَعْرًا قَدْ خَلَفُوا الْأَنْدَادَ خِلْوًا صِفْرًا وَنَحْنُ الْيَوْمَ نَقُولُ كَمَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، قَالَ: قُلْتُ: وَكَيْفَ عَلَّمَكُمْ؟ فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ سَوَاءٍ فَكَانَتْ هَذِهِ التَّلْبِيَةُ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَةً فِي التَّلْبِيَةِ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ التَّلْبِيَةُ الَّتِي عَلَيْهَا عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ أَيْضًا ما: 1150- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْفَضْلِ، حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ ". 1151- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وَهَذَا عِنْدَنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْحَاجِّ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي التَّلْبِيَةِ الْأُولَى أَنْ يُلَبِّيَ بِهَذِهِ التَّلْبِيَةِ الثَّانِيَةِ، وَبِمَا سِوَاهَا مِمَّا يُشْبِهُ التَّلْبِيَةَ الْأُولَى، وَيَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَاهَا وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ مَعَ وُقُوفِهِ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبِابِ يَزِيدُ عَلَيْهَا مَا قَدْ ذَكَرَهُ عَنْهُ نَافِعٌ مَوْلَاهُ فِيما: 1152- قَدْ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللهِ وَفِيمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، قَالُوا جَمِيعًا عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِي التَّلْبِيَةِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ كَرَاهَةُ مِثْلِ هَذَا، فَذَكَرَ ما: 1153- قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفُرَيْجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ: " سَمِعَ رَجُلًا يُلَبِّي يَقُولُ: لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ لَبَّيْكَ فَقَالَ سَعْدٌ: مَا هَكَذَا كُنَّا نُلَبِّي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قِيلَ لَهُ: هَذَا عِنْدَنَا مِمَّا قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ كَرِهَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِهِ، وَكَانَ الَّذِي سَمِعَهُ لَبَّى بِهِ تَلْبِيَتَهُ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ، فَأَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا، وَتَرَكَ الزِّيَادَةَ فِيهَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ قَدْ وَقَفَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ، وَمَرَّةً عَلَى ما رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي التَّلْبِيَةِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا مُبَاحٌ. 1154- وَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عَرَفَةَ، فَمِنَّا الْمُهِلُّ، وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ، فَأَمَّا نَحْنُ فَنُكَبِّرُ " قَالَ: قُلْتُ: الْعَجَبُ لَكُمْ كَيْفَ لَمْ تَسْأَلُوهُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ؟ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ كَانَ يُكَبِّرُ فِي مَوْضِعٍ لَا بَأْسَ بِالتَّلْبِيَةِ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعًا لَا بَأْسَ بِالتَّلْبِيَةِ فِيهِ، لَا يُكْرَهُ عَلَى مَنْ لَبَّى فِيهِ، وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَفِي إِطْلَاقِ ذَلِكَ لَهُمْ دَلِيلُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ تَلْبِيَةٍ، وَقَدْ كَبَّرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ مَكَانَ التَّلْبِيَةِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ التَّكْبِيرِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِيهَا تَعْظِيمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ التَّلْبِيَةِ الَّتِي لَبَّى بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَرَتْ عَلَيْهَا عَادَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي الدُّخُولِ فِي حَجِّهِمْ وَهَذَا ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي التَّلْبِيَةِ أَيْضًا بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ ما: 1155- قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِعَرَفَةَ، فَلَبَّى عَبْدُ اللهِ حَتَّى رَمَى جَمَرَةَ الْعَقَبَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَذَا الَّذِي يُلَبِّي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ وَقَالَ عَبْدُ اللهِ فِي تَلْبِيَتِهِ شَيْئًا مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَحَدٍ: " لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ " فَهَذِهِ التَّلْبِيَةُ الَّتِي يَدْخُلُ النَّاسُ بِهَا فِي الْإِحْرِامِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى إِطْلَاقِ الزِّيَادَةِ لَهُمْ فِيهَا مَا كَانَ مِنْ أَشْكَالِهَا مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُونَ فِي هَذَا، وَقَالُوا: التَّلْبِيَةُ فِي الْحَجِّ كَالتَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ، فَكَمَا لَا يَنْبَغِي الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ، فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي الدُّخُولُ فِي الْحَجِّ إِلَّا بِالتَّلْبِيَةِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِغَيْرِ اخْتِلَافٍ ذَكَرَهُ لَنَا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ مِيقَاتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمِيقَاتَ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَمِيقَاتَ أَهْلِ نَجْدٍ لِلْحَجِّ، وَلَمْ يُذْكَرْ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ، أَنَّهُ قَالَ: " هِيَ لَهُمْ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ "، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِمَّنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ، وَأَنَّ مِيقَاتَهُمْ لِحَجِّهِمْ مَا أَتَوْا عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ أَهْلِ الْعِرَاقِ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ. 1156- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ " وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ قِيلَ لَهُ: فَالْعِرَاقُ؟ قَالَ: لَمْ تَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ. 1157- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ لِحَجِّهِمْ وَقْتًا غَيْرَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا رُوِّينَا كَمَا وَقَّتَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ الْآفَاقِ، وَلَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ. 1158- فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيَّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ القطربلِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ بَهْرَامٍ الْمَدَائِنِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ " فَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدْ رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَوْقِيتِهِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ مِثْلَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَوْقِيتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، لَيْسَ بِسَمَاعٍ، وَزَادَتْ عَلَيْهِمَا تَوْقِيتَهُ لِأَهْلِ مِصْرَ مَعَ أَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةِ، وَتَوْقِيتَهُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتِ عِرْقٍ كَمَا وَقَّتَ مَا سِوَاهَا لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ. 1159- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْجَهْمُ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ، ثُمَّ انْتَهَى، أَرَاهُ يُرِيدُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مَنْ يَلَمْلَمَ ". 1160- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غَيَّاثٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ " وَكَانَ جَابِرٌ قَدْ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْقَيتِ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فِي الْحَجِّ كَمَا حَفِظَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ. 1161- وَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ السَّهْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْبَصْرَةِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلِأَهْلِ الْمَدَائِنِ الْعَقِيقَ " فَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْقِيتِ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَهِيَ مِنَ الْعِرَاقِ لِلْحَجِّ ذَاتُ عِرْقٍ، وَزَادَ عَلَى عَائِشَةَ، وَعَلَى جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدَائِنِ، وَهِيَ مِنَ الْعِرَاقِ لِحَجِّهِمُ الْعَقِيقَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُوَقِّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ هَذَا الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ؟ قِيلَ لَهُ: كَمَا جَازَ أَنْ يُوَقِّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ شَامٌ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّ الْعِرَاقَ سَتَكُونُ، وَأَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى سَتُفْتَحُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ سَيَمْنَعُونَ قَفِيزَهُمْ وَدِرْهَمَهُمُ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا لِأَرْضِيهِمْ، وَأَنَّ أَهْلَ الشَّامِ سَيَمْنَعُونَ مُدَّهُمْ وَدِينَارَهُمُ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا لِأَرْضِيهِمْ، وَأَنَّ أَهْلَ مِصْرَ سَيَمْنَعُونَ إِرْدَبَّهُمْ وَدِينَارَهُمُ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِمْ خَرَاجًا لِأَرْضِيهِمْ، فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1162- قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنَعَتِ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمِهَا، وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدَّيْهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ كَمَا بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ كَمَا بَدَأْتُمْ "، شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ زُهَيْرٍ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَ مَا سَيَفْعَلُهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ مَنْعِ الْخَرَاجِ، وَلَا عِرَاقَ يَوْمَئِذٍ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُ سَتَكُونُ الْعِرَاقُ، كَمَا ذَكَرَ فَيمَا سَيَفْعَلُهُ أَهْلُ الشَّامِ، وَلَا شَامَ يَوْمَئِذٍ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُ سَتَكُونُ الشَّامُ وَلَمَّا كَانَتَا عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنَتَيْنِ لَا مَحَالَةَ، وَقَّتَ لِأَهْلِهَا الْمَوَاقِيتَ لِحَجِّهِمْ، إِذْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا وَقَّتَ لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَانِ الَّتِي قَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرُ مَا حَكَيْنَاهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَوْقِيتِ الْعَقِيقِ لِأَهْلِ الْمَدَائِنِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَيَجْعَلُونَ الْمَدَائِنَ كَمَا سِوَاهَا مِنْ مَدَائِنِ الْعِرَاقِ، وَيَجْعَلُونَ مِيقَاتَ أَهْلِهَا كَمِيقَاتِ سَائِرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ سِوَاهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَّدَمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّلْبِيَةَ لِلْحَجِّ، وَأَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}، هُوَ التَّلْبِيَةُ وَلَمْ يُذْكَرْ مَعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَبْتَدِئُ فِيهِ التَّلْبِيَةُ حَتَّى يُدْخَلَ بِهَا فِي الْحَجِّ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَمِنْهَا ما: 1163- قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ، ثُمَّ أَتَى بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ " وَمِنْهَا ما: 1164- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، رَكِبَ نَاقَتَهُ الْقَصْوَاءَ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ " فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ مِنَ الْبَيْدَاءِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْهَا ما: 1165- قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ " يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَمِنْهَا ما: 1166- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1167- قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهِ وَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ، مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوِيَ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، فَزَادَ فِي التَّقَدُّمِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْهَا ما: 1168- قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ، إِمْلَاءً، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ لِي: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: حِينَ عَلَا عَلَى الْبَيْدَاءِ؟ فَقَالَ: سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَقَالُوا: أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَّ السَّاعَةَ، فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ فَلَمَّا عَلَا الْبَيْدَاءَ أَهَلَّ، فَشَهِدَهُ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوهُ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَقَالُوا: أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاعَةَ، فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ إِهْلَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُصَلَّاهُ " فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ أَنْبَأَنَا عَنِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي مِنْهَا جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ أَيْنَ كَانَ، وَأَنَّ إِهْلَالَهُ الَّذِي دَخَلَ بِهِ فِي الْحَجِّ إِنَّمَا كَانَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّاهَا لِلْإِحْرَامِ، وَأَنَّ مَا سِوَاهُ مِنْ إِهْلَالِهِ لِلْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الْحَجِّ بِإِهْلَالِهِ الْمُتَقَدَّمِ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ، وَاكْتَفَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ذِكْرِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَبَّى بِحَجِّهِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَبَّى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَسْتَحِبُّونَ لِمَنْ أَرَادَ التَّلْبِيَةَ بِالْحَجِّ أَنْ يَكُونَ يُلَبِّي بِهَا فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصَّلَاةَ لِلْإِحْرَامِ حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا عَلِمَ بِعَدَمِ إِحْرَامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَقْتَ الَّذِي عَلِمَ غَيْرُهُ إِحْرَامُهُ فِيهِ أَوْلَى، لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا أَوْلَى بِهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْهُ.
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ} وَقَدْ ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا: {فَلا رَفَثَ}، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ الْجِمَاعُ، كَقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}، أَيِ الْجِمَاعُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَلا فُسُوقَ}، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُرُوجُ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ طَاعَاتٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ مَعَاصٍ، يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ السِّبَابُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى فَاعِلِهَا مِمَّا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالتَّعَبُّدِ، وَمِمَّا كَانَ حَلَالًا لَهُمْ فَحَرُمَ عَلَيْهِمْ بِالْإِحْرَامِ كَقَتْلِ الصَّيْدِ، وَالتَّطَيُّبِ، وَلَبْسِ الثِّيَابِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، فَإِنَّ الْمُرَادَ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ مَا هُوَ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَيْ لَا شَكَّ فِي الْحَجِّ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ وَقَدْ رُويَ فِي هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ، ما: 1169- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " الرَّفَثُ الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ السِّبَابُ، وَالْجِدَالُ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ ". 1170- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {فَلا رَفَثَ}، قَالَ: الرَّفَثُ الْجِمَاعُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُرَادِ بِالرَّفَثِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مُوَافِقًا لِمَا ذَكَرْنَا فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ الَّذِي اسْتَشْهَدْنَا لَهُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي الرَّفَثِ قَوْلٌ غَيْرُ هَذَا. 1171- وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا شُرَيْحٍ مُحَمَّدَ بْنَ زَكَرِيَّاءَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {" {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ}، قَالَ: الرَّفَثُ الَّذِي ذُكِرَ هَاهُنَا لَيْسَ بِالرَّفَثِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَكَانِ الْآخَرِ، وَلِكنْ تَعْرِيضٌ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ ". 1172- وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: " إِيَّاكُمْ وَالنِّسَاءَ، فَإِنَّ الْإِعْرَابَ مِنَ الرَّفَثِ وَالْإِعْرَابُ: أَنْ تُعَرِّضَ لَهَا بِقَوْلِ: لَوْ كُنَّا حَلَالَيْنِ اغْتَسَلْنَا وَفَعَلْنَا قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: صَدَقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ " وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا غَيْرَ مُخَالِفٍ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الرَّفَثَ هُوَ الْجِمَاعُ، وَمَا دُونَ الْجِمَاعِ مِمَّا هُوَ مِنْ أَسْبَابِهِ فَجَائِزٌ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُسَمَّى بِاسْمِهِ إِذْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِهِ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ، تَوْكِيدًا مِنْهُمَا بِحُرْمَةِ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنَ الْمُرَادِ بِالْفُسُوقِ أَنَّهُ السِّبَابُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخَالِفٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّأْوِيلِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ السِّبَابَ خُرُوجٌ عَنِ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ، فَذَلِكَ فُسُوقٌ، لِأَنَّ أَصْلَ فَسَقَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِنَّمَا هُوَ خَرَجَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فَسَقَتِ الرُّطْبَةُ، إِذَا خَرَجَتْ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَقَدْ سُمِّيَتِ الْفَأْرَةُ وَغَيْرُهَا مِمَّا أُبِيحَ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَوَاسِقَ ". 1173- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحُدَيَّا، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ " فَكَانَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ يَرَى كَمَا يَرَى الْكِلَابُ الَّتِي لَا تَعْقِرُ، فَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الْعَقْرِ، وَكَذَلِكَ الْحُدَيَّا وَالْغُرَابُ يَرَيَانِ كَمَا يَرَى غَيْرُهُمَا مِنَ الطَّيْرِ، ثُمَّ يَخْرُجَانِ عَنْ ذَلِكَ إِلَى الْأَذَى لِبَنِي آدَمَ فِي أَبْدَانِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ سِوَاهُمَا مِنَ الطَّيْرِ، وَكَذَلِكَ الْفَأْرَةُ تَخْرُجُ عَمَّا يُرَى عَلَيْهِ إِلَى إِحْرَاقِ الْبُيُوتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِنَّمَا سَمَّاهَا فَاسِقَةً لِهَذَا الْمَعْنَى. 1174- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ، وَالْعَقْرَبَ، وَالْفَأْرَةَ الْفُوَيْسِقَةَ " قَالَ يَزِيدُ: وَعَدَّ غَيْرَ هَذَا فَلَمْ أَحْفَظْهُ قُلْتُ: وَلِمَ سُمِّيَتِ الْفَأْرَةُ الْفُوَيْسِقَةَ؟ قَالَ: اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ أَخَذَتْ فَأْرَةٌ فَتِيلَةً لِتَحْرِقَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ، فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَتَلَهَا، وَأَحَلَّ قَتْلَهَا لِكُلِّ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ، أَفَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ فُوَيْسِقَةً بِخُرُوجِهَا إِلَى مَا خَرَجَتْ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنَ الْمُرَادِ بِالْجِدَالِ هُوَ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ. 1175- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ قَالَ: " الرَّفَثُ الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ أَنْ يُمَارِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يُغْضِبَهُ ". 1176- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ جَبْرِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: " الْجِدَالُ فِي الْحَجِّ أَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمُ: الْحَجُّ الْيَوْمَ، وَيَقُولَ بَعْضُهُمُ: الْحَجُّ غَدًا ". 1177- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: الْجِدَالُ أَنْ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى يَغْضَبَ أَوْ تَغْضَبَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ. 1178- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: لَا شَكَّ فِي الْحَجِّ " وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَعَمَّنْ تَقَدَّمَهُ فِيهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنَ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِهَا، لِأَنَّ الْجِدَالَ الْمَعْقُولَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ مُجَارَاةُ الْكَلَامِ وَالْمُجَاوَبَةُ عَنْهُ بَيْنَ النَّاسِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}، وَكَمَا قَالَ اللهُ جل وعز: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْأَلْسُنِ وَالْمُنَازَعَاتِ بَيْنَ النَّاسِ، لَا عَلَى الشَّكِّ، فَكَانَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا أَشْبَهَ بِهَذَا الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْجِدَالَ لَوْ كَانَ عَلَى الشَّكِّ لَكَانَ ذَلِكَ الشَّكُّ يَمْنَعُ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ لَا يَرْتَابُونَ وَلَا يَشُكُّونَ فِيهِ.
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، فَأَبَاحَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَتَزَوَّدُوا، لِأَنَّ ذَلِكَ قِوَامُ أَبْدَانِهِمْ حَتَّى يَصِلُوا إِلَى حَجِّهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ ما: 1179- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {" {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْآفَاقِ يَخْرُجُونَ إِلَى الْحَجِّ يَتَوَصَّلُونَ النَّاسَ بِغَيْرِ زَادٍ، فَأُمِرُوا أَنْ يَتَزَوَّدُوا " فَكَانَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمُرَادِ بِالْبِرِّ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ التَّزَوُّدُ فِي الْحَجِّ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أُطْلِقَ وَأُبِيحَ لَهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ التَّزَوُّدُ فِي الْحَجِّ، وَلَمَّا كَانَ تَرْكُ التَّزَوُّدِ فِيهِ الْمَسْأَلَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا، كَانَ خِلَافُهُ مِمَّا فِيهِ تَرْكُ الْمَسْأَلَةِ أَوْلَى بِالْحَاجِّ وَلَمَّا كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَ الْحَجِّ حَرَامًا عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، كَانَتْ فِي الْحَجِّ أَوْكَدَ حُرْمَةً، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي ذَلِكَ ما: 1180- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {" {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، قَالَ: الْكَعْكُ، وَالسَّوِيقُ، وَالدَّقِيقُ " وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَافَ مِنَ الْأَزْوَادِ هِيَ الَّتِي أُبِيحَتْ فِي الْحَجِّ دُونَ مَا سِوَاهَا، وَلَكِنَّهُ عَلَى إِفْهَامِ السَّائِلِ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الزَّادُ الَّذِي يَتَزَوَّدُ النَّاسُ بِهِ لِقِوَامِ أَبْدَانِهِمْ، لَا عَلَى التَّزَوُّدِ مِنَ الْأَعْمَالِ ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، مِنَ النُّفُوسِ تَرْكَ التَّعَرُّضِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ يُخْرِجُ أَهْلَهَا إِلَى الْمَسْأَلَةِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِمْ.
|