الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)
.الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَرْهُونُ بِهِ: .الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ: .الشَّرْطُ الثَّانِي: اللُّزُومُ: فرع: فِي الْكتاب يجوز قي دَمِ الْخَطَأِ إِنْ عَلِمَ الرَّاهِنُ أَنَّ الدِّيَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَحْدَهُ امْتَنَعَ وَلَهُ رَدُّ الرَّهْنِ وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا رَضِيَ بِهِ. فرع: قَالَ إِنِ ارْتَهَنْتَ دَابَّةً عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةً عَلَيْكَ لَمْ تَضْمَنْهَا لِأَنَّهَا لَا يُغَابُ عَلَيْهَا وَإِنْ رَهَنْتَهُ بِهَا رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ ضَاعَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى الْأَمَانَةِ وَيَجُوزُ بالعارية الَّتِي يُغَاب عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَضْمُونَة قَالَ إِنِ ادَّعَيْتَ دَيْنًا فَأَعْطَاكَ بِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ عِنْدَكَ ثُمَّ تَصَادَقْتُمَا عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَاكَ أَوْ أَنَّهُ قَضَاكَ ضَمِنْتَ الرَّهْنَ لِأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْهُ عَلَى الْأَمَانَةِ بِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَاهُ دَنَانِيرَ حَتَّى يُصَارِفَهُ بِهَا فَضَاعَتْ وَكَذَلِكَ مَا عَمِلَهُ الصُّنَّاعُ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ ثُمَّ ضَاعَ الرَّهْنُ ضَمِنَهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ وَقَعَ فِي الصَّرْفِ رَهْنٌ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ جهلا أَو أَخذ رهنا بالقراض لِأَن كُلَّهُ مَمْنُوعٌ فَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَى الْأَمَانَةِ بِخِلَافِ إِعْطَائِكَ رَهْنًا لَهُ بِكُلِّ مَا أَقْرَضَ فُلَانًا قَالَ التُّونِسِيُّ قَالَ أَشْهَبُ فِي عَارِيَةِ الدَّابَّةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَهُ الْكِرَاءُ وَكَأَنَّهُ آجَرَهُ إِيَّاهَا عَلَى أَنَّهَا إِنْ هَلَكَتْ ضَمَّنَهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَالَ إِذَا تَصَادَقْتُمَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ تَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ قَالَ: فَانْظُرْ لَوْ كَانَ قَدْ نَسِيَ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ أَشْهَبُ فِي رَهْنِ الصَّرْفِ جَهْلًا هُوَ رَهْنٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ أَوِ الدَّرَاهِمِ وَمَا زَادَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ورهنك بِمَا يُقْرِضُ فُلَانٌ قِيلَ يَكُونُ الرَّهْنُ بِمَا دَايَنْتَهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَلَا يُرَاعِي مَا يُشَبَّهُ أَنْ يُدَايَنَ بِهِ بِخِلَافِ حَمَالَتِكَ بِمَا يُدَايِنُهُ لِأَنَّكَ لَمَّا أَعْطَيْتَ رَهْنًا بَيَّنْتَ لَهُ الْمِقْدَارَ. فرع: فِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ بِجَمِيعِ الصَدَاق قبل لبِنَاء لِأَنَّ الْعَقْدَ يُوجِبُ الصَّدَاقَ كُلَّهُ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَقِيَ الْجَمِيعُ رَهْنًا بِالنِّصْفِ كَمَنْ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ أَوْ وُهِبَ لَهُ. فرع: قَالَ: يَجُوزُ أَخْذُ دَيْنٍ عَلَى الرَّهْنِ وَيَصِيرُ رَهْنًا بِهِمَا وَمَنَعَ (ح) وَأَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ لَنَا: عُمُومُ الْآيَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ السُّؤَالُ عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ الْقِيَاسُ عَلَى الْحَمَالَةِ وَالشَّهَادَةِ بِجَامِعِ التَّوَثُّقِ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عِلْمٌ وَالْعِلْمُ لَا يَجِبُ حَصْرَ مُتَعَلِّقِهِ وَالْكَفَالَةُ ذِمَّةٌ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَالتَّعَلُّقِ فِي الرَّهْنِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَسَعُ رَقَبَةُ الْعَبْدِ غَيْرَهَا ثُمَّ إِذَا جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ ذِمَّةُ الرَّاهِنِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ يَقْبَلُ النُّقْصَانَ بِبَقَائِهِ مَرْهُونًا عَلَى بَقِيَّةِ الْحَقِّ بَعْدَ قَضَاءِ الْأَكْثَرِ فَيَقْبَلُ الزِّيَادَةَ قِيَاسًا عَلَى النُّقْصَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّ الرَّهْنَ وَجَمِيعَ أَجْزَائِهِ تَعَلَّقَ بِهِ الْحَقُّ بِدَلِيلِ لَوْ أَوْفَى أَكْثَرَ الْحَقِّ بَقِيَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِبَقِيَّتِهِ وَلَوْ قَلَّ وَلَوْ تَلِفَ أَكْثَرُ الرَّهْنِ بَقِيَتْ بَقِيَّتُهُ مَرْهُونَة بحملة الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ وَأَجْزَاؤُهُ مَشْغُولَةً بِجُمْلَةِ الْحَقِّ اسْتَحَالَ أَنْ يَشْغَلَهُ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَجُوزُ مَعَ غَيْرِ الْعَاقِدِ فَلَا يَجُوزُ مَعَ الْعَاقِدِ كَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ تَابِعٌ للحق فَلَا يكون تَابعا لحق آخَرَ كَحَقِّ الدَّارِ مِنَ الطَّرِيقِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْعَبْدِ إِذَا جَنَى ثُمَّ جني فَإِنَّهُ يصبر مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنِ اشْتَغَلَ هُوَ وَأَجْزَاؤُهُ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْإِبَاحَةُ وَضَبْطُ النَّسَبِ وَلَا ضَبْطَ مَعَ الشَّرِكَةِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ تَابِعٌ أَضْعَفُ مِنَ الْمَتْبُوعِ فَيَصِيرُ تَابِعًا لِمَتْبُوعٍ آخَرَ كَمَا إِذَا تَجَدَّدَ حَوْلَ الدَّارِ دُورٌ أُخَرُ فَإِنَّ الطَّرِيقَ يَصِيرُ حَقًّا لِلْجَمِيعِ فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ. فرع: فِي الْكِتَابِ: إِنْ تَكَفَّلْتَ عَنْهُ بِحَقٍّ وَأَخَذْتَ مِنْهُ رَهْنًا جَازَ لِأَنَّهُ آيِلٌ إِلَى حَقٍّ لَكَ عَلَيْهِ. فرع: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إِذَا رَهَنَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ رَهْنًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَقَبَضَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ. فرع: قَالَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا سَأَلْتَهُ تَأْخِيرَ دَيْنِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ شَهْرًا وَتُعْطِيهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا امْتنع وَسَقَطت لحمالة وَيُرَدُّ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ حَرَامٌ. فرع: فِي الْكِتَابِ: لَا يُعْطِيكَ أَجْنَبِيٌّ رَهْنًا بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِكَ لِامْتِنَاع الْحِوَالَة بِهَا. فرع: قَالَ: يَجُوزُ بِدَيْنَيْنِ لَكُمَا مُخْتَلِفَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا قَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَ الْآخَرُ وَيَأْخُذَ رَهْنًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ لِنَفْعٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرِضَا مَعًا بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَكُمَا لِجَوَازِ أَخْذِ الرَّهْنِ ابْتِدَاءً عَنِ الْقَرْضِ. فرع: قَالَ: إِذَا أَقْرَضْتَهُ مِائَةً أُخْرَى عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ بِهَا وَبِالْأَوْلَى يَمْتَنِعُ وَالرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْأَخِيرِ عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْفَسَادِ وَقِيلَ: بَلْ نِصْفُهُ بِالْمِائَةِ الْأَخِيرَةِ وَتَبْطُلُ حِصَّته الْأُخَر كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَامْرَأَةَ غَيْرِهِ وَقَدْ أَجَازَ أَشْهَبُ أَسْقِطْ عَنِّي بَعْضَ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ رَهْنًا أَوْ أَبِيعَكَ عَلَى أَنْ تَرْهَنَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَبِثَمَنِ السِّلْعَةِ الْأُولَى رَهْنًا وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَجَازَ مُحَمَّدٌ زِدْنِي فِي الْأَجَلِ وَأَزِيدُكَ رَهْنًا إِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ يُوَفِّي الْحَقَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ فِي أصلة الْمَسْأَلَةِ حَالًّا جَازَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا لِتَمَكُّنِهُ مِنْ قَبْضِ الْحَالِّ فَكَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ الْآنَ على أَن أعطَاهُ وَثِيقَة نَظَائِر قَالَ: يَجُوزُ الرَّهْنُ إِلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: الصَّرْفِ وراس مَال السّلم الدِّمَاء الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَالْحُدُودِ. .الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ: الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ: كُلُّ شَرْطٍ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ أَوْ يُقْبَضَ لَا يَقْدَحُ لِاسْتِلْزَامِ الْعَقْدِ لَهُ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ فَأَمَّا مَا يُنَاقِضُ كَقَوْلِهِ بشترط عَدَمِ الْقَبْضِ أَوْ لَا يُبَاعُ فَهُوَ مُفْسِدٌ. الثَّانِي: فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ شَرَطَ أَنَّ ثَمَرَةَ الشَّجَرِ رَهْنٌ صَحَّ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ لِمُقْتَضَى الرَّهْنِ. الثَّالِثُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ الرَّهْنَ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ فَظَنَّ لُزُومَ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَوَفَّاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَرَاءَتُهُ. الرَّابِعُ: فِي الْجَوَاهِرِ: إِذَا رَهَنْتَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ انْدَرَجَ وَبِالْعَكْسِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَالْوَصِيَّةِ وَقَالَهُ فِي الْكِتَابِ بِخِلَافِ الثِّمَارِ مَعَ الْأَشْجَارِ ارْتُهِنَتْ يَوْمَ أَزْهَتْ أَمْ لَا أُبِّرَتْ أَمْ لَا إِلَّا بِشَرْطٍ بِخِلَافِ الْجَنِينِ يَنْدَرِجُ حَصَلَ يَوْمَ الرَّهْنِ الْحَمْلُ بِهِ أم لَا. .الباب الثَّانِي فِي الْقَبْضِ: فرع: فِي الْجَوَاهِرِ: الْقَبْضُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ وَصِحَّتِهِ وَلَا فِي لُزُومِهِ بَلْ يَنْعَقِدُ وَيَصِحُّ وَيَلْزَمُ ثُمَّ يُطَالَبُ المُرتهن بِالْإِقْبَاضِ ويُجبر الرَّاهِنُ عَلَيْهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِقْرَارِ الْوَثِيقَةِ لِيَكُونَ أَوْلَى من الْغُرَمَاء فِي الْفلس الْمَوْت كَمَا يَتَأَخَّرُ اللُّزُومُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَانْتِقَالِ الضَّمَانِ فِي الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَيَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِي الشَّهَادَةِ وَتَتَوَقَّفُ ثَمَرَتُهَا عَلَى الْعَدَالَةِ وَقَالَ (ش) (ح) لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَلَهُ أَنْ لَا يسلِّم قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَزِمَ بِالْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ (ش) الْعِتْقُ وَالْبَيْعُ وَالرَّهْنُ فِي الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَإِنْ أجَّر الدَّارَ مُدَّةً دُونَ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا يَبْطُلُ لِإِمْكَانِ بيعهَا لنا: قَوْله تَعَالَى {فرهان مَقْبُوضَة} فَجَعَلَ الْقَبْضَ صِفَةً لِلرَّهْنِ وَالصِّفَةُ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَلَيْسَتْ صِفَةً لَازِمَةً وَإِلَّا لَما صَحَّ قَوْلُهُ أَرْهَنُكَ هَذَا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إِلَيْهِ وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالْقَبْضِ لقَوْله تَعَالَى {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} وَلقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ وَقِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ فَيُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي لُزُومِهِ كَالْقَرْضِ وَلَا يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ حَتَّى يَنْضَافَ إِلَيْهِ غَيْرُهُ كَالْوَصِيَّةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْمَوْتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ بَلِ الْقَرَاض يلْزم بالْقَوْل وَعَن الثَّانِي الْقلب فَنَقُول لايشترط فِيهِ الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ تَفْرِيعٌ: فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ تَرَاخَى فِي طَلَبِ الْقَبْضِ حَتَّى مَاتَ أَوْ فَلَسَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ المُجد فِي الطَّلَبِ إِلَى حينئذٍ وَلَوْ عَجَزَ كالهبات وَظَاهر الْكتاب هُوَ كَغَيْر المُجد لإِطْلَاق القَوْل من غير تَفْضِيل وَلَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ بِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجد بَعْدَ الْمَوْتِ أَوِ الْفَلَسِ بِيَدِ أَمِين أَو الْمُرْتَهن قَالَ عبد الْمَالِك: لَا يَنْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِحَوْزِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوِ الْفَلَسِ لِاحْتِمَالِ طَرَيَانِ الْقَبْضِ بِعَدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُ إِلَّا مَعَانِيه الْحَوْز لهَذَا الإرهان وَلَا يُفسخ عقد الإرهان بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا جُنُونِهِمَا وَلَا الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَا كَانَ مَالًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِالْمَالِ كَالرَّهْنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَإِمْضَاءِ الْخِيَارِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ يَرِثُ الْمَالَ فَيَرِثُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَكُلُّ مَا يَرْجِعُ إِلَى النَّفْسِ وَالرَّأْيِ وَالْمَلَاذِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ لَا يَرث النَّفس كاللعان وَالْإِيلَاء وَخيَار من اشْتَرَطَ خِيَارَهُ لِأَنَّهُ رَأْيُهُ نَظَائِرٌ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْقَبْضِ: الرَّهْنُ وَالْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ والعُمرى وَالْعَطِيَّةُ وَالنُّحْلُ وَالْعَرِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْإِسْكَانُ وَالْعَارِيَةُ وَالْإِرْفَاقُ والعِدة وَالْإِخْدَامُ وَالصِّلَةُ وَالْحِبَاءُ. فرع: فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ الْوَضْعُ عَلَى يَدِ الثَّالِث يَتَوَكَّلُ وَلَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ لِأَحَدِهِمَا دُونَ إِذْنِ الْآخَرِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ لتعدَّيه وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَلَبُ التَّحْوِيلِ إِلَى عَدْلٍ آخَرَ صَوْنًا لَهُ عَنِ الضَّيَاعِ فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي عَدْلَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَجْعَلُهُ الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَيْسَ ببيِّن بَلْ يقدِّم قَوْلُ الرَّاهِنِ إِذَا دَعَا إِلَى ثِقَةٍ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَهُوَ أَنْظَرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ عدلٍ وَقَالَ الْآخَرُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قُدم طَالِبُ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَأَبْعَدُ عَنِ التُّهَمِ. فرع: فِي الْكِتَابِ: إِذَا اكْتَرَى حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَسَكَنَ بَطَلَ حَوْزُ الْمُرْتَهِنِ إِنْ لم يقم الْمُرْتَهِنُ بِقَبْضِ حِصَّةِ الرَّاهِنِ مِنَ الدَّارِ وَيُقَاسِمُهُ وَلَا يمْنَع الشَّرِيكَ مِنْ كِرَاءِ نَصِيبِهِ مِنَ الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَلَكِنْ تُقَسَّمُ الدَّارُ فَيَحُوزُ الْمُرْتَهِنُ رَهنه ويُكري الشَّرِيك نصِيبه قَالَ التّونسِيّ عَن ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا ارْتَهَنَ دَارًا فَأَكْرَاهَا مِنْ رجل بِإِذن الرَّاهِن فأكراها الْمُرْتَهن مِنَ الرَّاهِنِ فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي مِنْ نَاحِيَةِ رَبِّ الدَّارِ فَالْكِرَاءُ فاسدٌ وَفَسَدَ الرَّهْنُ أَوْ أَجْنَبِيًّا جَازَ لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ حَوْزُهُ لِلرَّهْنِ ثُمَّ غُلب عَلَى رَدِّهِ إِلَى يَدِ صَاحِبِهِ لَمْ يَنْتَقِضِ الْحَوْزُ كَالْعَبْدِ إِذَا أَبِقَ بَعْدَ الْحَوْزِ وَأَخَذَهُ الرَّاهِنُ وَاخْتُلِفَ فِي رَهْنِ مَا أُكْرِيَ هَلْ تَصِحُّ حِيَازَتُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي اشْتِرَاطِ الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ أَنَّهُ حوزٌ وَهُوَ مُرْتَهَنٌ مُكترى إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَإِذَا جَوَّزَ الْكِرَاءَ وَالرَّهْنَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَيَصِحُّ الْحَوْزُ فَيَصِحُّ مَا تَقَدَّمَ الْكِرَاءُ الرَّهْنَ كَمَا أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِبَةَ مَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الْخِدْمَةُ وَأَجَازَ الْإِخْدَامَ وَالْهِبَةَ وَالرَّقَبَةَ فِي مُدَّة وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَتِمُّ حَوْزُ الصَّدَقَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَمَّا كَانَ المتصدَّق يَأْخُذُ كِرَاءَهَا فَكَانَتْ يَدُهُ بَاقِيَةً وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَلَّا يَتِمَّ الرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إِذَا سَاقَى حَائِطًا ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلِ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ يَرْضَيَانِ بِهِ فَإِنْ جَعَلَاهُ عَلَى يَدِ الْمُسَاقِي أَوْ أجيرٍ لَهُ فِي الْحَائِط فَلَيْسَ برهن قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ يَجْعَلُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا آخَرَ لِبَقَاءِ يَدِ الْمُسَاقِي وَيُقْضَى بِكَوْنِهِ لِلرَّاهِنِ لِعَمَلِ الْمُسَاقِي بِجُزْئِهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا اكْتَرَى دَارًا سَنَةً وَأَخَذَ حَائِطًا مُسَاقَاةً فَرَهَنَهُ قَبْلَ وَفَاءِ السَّنَةِ لَا يَكُونُ مُحَازًا لِحَوْزِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالسَّقْيِ بِخِلَافِ ارْتِهَانِ فَضْلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْفَضْلَةَ مَحُوزَةٌ عَنْ صَاحِبِهَا فَلَمْ يحز هَاهُنَا مَا تَقَدَّمَ سِقَاءً وَلَا كِرَاءً بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ رهنُ وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ الْأَشْبَه وحوّز رَهْنَ نِصْفِ الدَّارِ وَهِيَ لَهُ كُلُّهَا وَيَقُومُ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الرَّاهِنِ أَوْ يَضَعَانِهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَده قيِّماَ لَهُ مثل عَبده وأجيره وَلَوْ رَهَنَ الْجَمِيعَ جَازَ وضعُه عَلَى يَدِ الآخر لِأَن الْمُرْتَهن القيا بِجَمِيعِهِ وَصَارَ قيِّمه حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَدُهُ يَدُ السَّيِّدِ وَيَدُ القيِّم الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يَبْقَ لِلرَّاهِنِ فِيهِ شَيْءٌ وَإِذَا رَهَنَ النِّصْفَ بَقِيَتْ يَدُ الْقَيِّمِ عَلَى النِّصْفِ لِلرَّاهِنِ فَهُوَ كَمَنِ ارْتَهَنَ نِصْفَ دَارٍ وَبَقِيَتْ يَدُهُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْقَيِّمَ هَاهُنَا حائزٌ لِلْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ دَارًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَاهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ لِزَوَالِ يَدِ الرَّاهِنِ وَإِذَا وَضَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ ابْنِ الرَّاهِنِ عَلَى يَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ وَالِابْنُ مُبَايِنٌ لَهُ لَمْ يَفْسُدِ الرَّهْنُ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ بِخِلَاف الابْن الصَّغِير واختُلف إِذْ سلف من امْرَأَته ورهنها جَارِيَة لَهُ جعله أَصْبَغُ حَوْزًا وَكُلُّ مَا فِي بَيْتِهَا مَا خَلَا رَقَبَةَ الدَّارِ إِذَا ارْتَهَنَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَوْزًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ بِخِلَافِ صَدَقَتِهَا هِيَ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَتَسْكُنُ فِيهَا مَعَهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَهَا قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّارِ وَالْخَادِمِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَجَمِيعُ مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ رَهْنِهِ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَذَلِكَ حَوْزٌ وَعَلَيْهِ إخدامُها كَمَا عَلَيْهِ إِسْكَانُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّد: إِذا ارْتهن نصف دَار فَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ شَرِيكٍ ثُمَّ ارْتَهَنَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ فَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ بَطَلَ رَهْنُ جَمِيعِ الدَّارِ لِرُجُوعِهَا كَمَا كَانَتْ بِيَدِ صَاحِبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا رَهَنَهَا خَادِمًا فِي صَدَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَحَازَتْهَا شَهْرًا ثُمَّ بَنى بِهَا فَخَدَمَتْهُمَا خَرَجَتْ من الرَّهْنِ بِخِدْمَتِهِمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَكُلُّ أَمْرٍ إِذَا ابْتُدِئَ فِي الرَّهْنِ لَا يَكُونُ حَوْزًا يَخْرُجُ عَنِ الْحَوْزِ وَلَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ إِذَا طَالَ الْحَوْزُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ فِي الْحَقِّ فَإِذَا عَادَ لِلرَّاهِنِ بَطَلَ حَقُّهُ وَرَجَعَ الرَّاهِنُ لِمَلِكِهِ وَحَوْزِهِ وَالْمِلْكُ مُنْتَقِلٌ فِي أُولَئِكَ فَلَا يَضُرُّ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إِذَا حُزْتَ سَنَةً ثُمَّ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ غَيْرَكَ ارْتَهَنَهُ قَبْلَكَ وَحَازَهُ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِيَدِ الْأَوَّلِ قُدمت حِيَازَتُهُ وَمَا فَضَلَ لَكَ دُونَ الْغُرَمَاءِ وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا حُزتَ الْحَائِطَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ فَأَخَذَهُ رَبُّهُ مُسَاقَاةً مِنَ الْأَمِينِ ضَعُفَ الرَّهْنُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْهَنْهُ وَيَحُوزُ مَا فَاتَهُ مِنَ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْأَمِينُ مُسَاقَاةً إِلَّا بِإِذْنِكُمَا. فرع: قَالَ التُّونِسِيُّ: لَا يَنْفَعُ إِقْرَارُ الْمُتَرَاهِنَيْنِ بِأَنَّ الرَّهْنَ حِيزَ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ حَوْزَهُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ وُجد فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْفَلَسِ أَوِ الْمَوْتِ مَا نَفَعَ ذَلِكَ وَفِيهِ خِلَافٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ فَأَكَرَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ لَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ لِلرَّاهِنِ قَالَ مُحَمَّدٌ: صوابُه أَنَّ الِابْنَ لَا مِيرَاثَ لَهُ فِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ التَّرِكَةَ وَظَاهِرُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ خِلَافُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا مَاتَ الرَّاهِنُ وَقَدْ أَكْرَيْتَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ وَارِثِهِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِأَنَّ الدَّيْنَ اسْتَغْرَقَهُ فَلَا مِيرَاثَ. فرع: فِي الْكِتَابِ: إِذَا لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى مَاتَ الرَّاهِن أَو أفلس فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الرَّهْنِ. فرع: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُوضَعُ الرَّهْنُ عَلَى يَدِ ابْنِ صَاحِبِ الرَّهْنِ إِذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ وَلَا امْرَأَتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ويُفسخ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَخِ وَكَذَلِكَ امْرَأَتُهُ الْبَائِنَةُ عَنْهُ فِي دَارِهَا وَحَوْزِهَا قَالَ: عَبْدُ الرَّاهِنِ الْمَأْذُونُ وَغَيْرُهُ حَوْزٌ بَاطِلٌ. فرع: فِي الْمُنْتَقَى: إِذا رهن بَيْتا من دَار وَنِصْفهَا مشَاعا فَالْغَلْقُ عَلَى الْبَيْتِ حِيَازَةً لَهُ وَلِنِصْفِ الدَّارِ والكراء يشْتَمل الْجَمِيعَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَيْتَ مُعْظَمُ الرَّهْنِ أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ حِيَازَةِ الْمُشَاعِ مَعَ غَيْرِ الرَّاهِنِ بِأَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ الدَّارِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَلَوْ حَازَ الدَّارَ وَفِيهَا طَرِيقٌ يَمُرُّ فِيهَا الرَّاهِنُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ حَقُّ النَّاسِ كُلِّهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِم فراعى الْبيُوت دون المساحة وَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ. فرع: فِي الْبَيَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ فِي عَبْدٍ ارْتَهَنْتَهُ أَنَا آخُذُهُ عِنْدِي وَأَضْمَنُهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْمَوْتَ وَأُعْطِيكَ حَقَّكَ عِنْدَ الْأَجَلِ فأخَّره الْحَمِيلُ عِنْدَ الرَّاهِنِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَيْسَ للحميل بَيْعه عِنْد الْأَجَل لبطلانه بِعَدَمِ الْحَوْزِ وَيُغَرَّمُ الْحَمِيلُ الدَّيْنَ وَيَرْجِعُ بِهِ وَلَوْ أَخَّرَ الْعَبْدَ أَيَّامًا فَلَهُ الْقِيَامُ بِأَخْذِهِ لِأَنَّهُ يُعذر بِشُغْلٍ يَمْنَعُهُ مِنَ الْحَوْزِ أَمَّا إِذَا طَالَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَلَا. فرع: فِي الْجَلَّابِ: إِذَا اشْتَرَطَ رَهْنًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنَ الْإِقْبَاضِ خُيِّر الْبَائِعُ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ وَقَالَهُ (ش) لِفَوَاتِ مَا رَضِيَ لِأَجْلِهِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: يُعْطَى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ الدَّوْرُ وَالثِّيَابُ وَالْحُلِيُّ لِصِدْقِ الْمُسَمَّى وَلَا يُلزَم الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ لِلْمَشَقَّةِ فِي الْكُلْفَةِ وَمَتَى تنَازعا فِيمَا يُغاب عَلَيْهِ أوما لَا يُغاب عَلَيْهِ لَزِمَ الْقَبُولُ لِصِدْقِ المسمَّى. فرع: قَالَ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ: لَوْ رَهَنَهُ دَارَيْنِ فَأَقْبَضَهُ إِحْدَاهُمَا كَانَتْ رَهْنًا بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَقَالَهُ (ش) وَقَالَ (ح) بِنِصْفِ الْحَقِّ قِيَاسًا عَلَى قَبْضِ الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّهْنَ يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ لِمُنَاسَبَةِ التَّوَثُّقِ لِذَلِكَ الْمَقْصُودِ وَمَقْصُودُ الْبَيْعِ الْمَالِيَّةُ وَنِسْبَتُهَا فِي التَّوْزِيعِ بِدَلِيلِ لَوْ وَفَّاهُ الحقَّ إِلَّا دِرْهَمًا بَقِيَ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِ لَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الضَّامِنَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْحَيِّ بِجَمِيعِ الْحَقِّ. فرع: فِي الْجَلَّابِ: إِذَا رَهَنَ نَصِيبُهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِئْجَارُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنَ الدَّارِ إِلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِيَتَحَقَّقَ الْحَوْزُ. فرع: فِي الْبَيَانِ: إِذَا قَالَ لَكَ رَجُلٌ قَدْ حِزْتُ الرَّهْنَ لَكَ فعامِله فدَفعتَ بِقَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ: ضمن مَا أردتَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا لِغُرُورِهِ لَكَ بِعَدَمِ الْحَوْزِ. فرع: قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: إِذَا وَقَعَ مَا يُبْطِلُ الْحِيَازَةَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْقِيَامُ بِرَدِّ ذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ: إِلَّا أَنْ يَفُوتَ بِحَبْسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ قِيَامِ غُرَمَاءَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِلَّا فِي الْعَارِيَةِ غَيْرِ الْمُؤَجَّلَةِ فَلَيْسَ لَهُ الِارْتِجَاعُ إِلَّا أَن يعيره على ذَلِك أما الموجلة فَلهُ أَخذهَا بعد الْأَجَل كالإجازة وَعَن ابْن الْقَاسِم تبطل الْإِجَارَة إِذَا عَلِمَ بِهَا وَتَرَكَ الْفَسْخَ وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ ثُمَّ قَامَ يَقْبِضُهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ حَقُّ الرَّاهِنِ فَإِذَا رَدَّهُ وَتَرَكَ حَقَّهُ فَلَا رُجُوعَ وَمَتَى فَاتَ بِالْعِتْقِ أَو حبس وَنَحْوه أَو يحوزه وَالرَّاهِنُ مُعْدَمٌ رُدّ لِعَدَمِهِ وَلَا يُرّد الْبَيْعُ وَلَا يعجل من ثمنه الَّذين وَلَا يوضع لَهُ الثّمن لِأَن قَدْ رَدَّهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهن.
|