الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
نريد بهذه الترجمة أن نبين هل الجهة ثابتة لله تعالى: أو منتفية عنه؟ والتحقيق في هذا: أنه لا يصح إطلاق الجهة على الله تعالى: لا نفيًا، ولا إثباتًا، بل لابد من التفصيل: فإن أريد بها جهة سُفل، فإنها منتفية عن الله، وممتنعة عليه لأن الله تعالى: قد وجب له العلو المطلق بذاته، وصفاته. وإن أريد بها جهة علو تحيط به، فهي منتفية عن الله، وممتنعة عليه أيضًا فإن الله أعظم وأجل من أن يحيط به شيء من مخلوقاته، كيف وقد وسع كرسيه السموات والأرض؟ { والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} [الزمر: 67]. وإن أريد بها جهة علو تليق بعظمته وجلاله من غير أحاطة به، فهي حق ثابت لله تعالى: واجبة له. قال الشيخ أبو محمد عبد القادر الجيلاني في كتابه "الغنية": "وهو سبحانه بجهة العلو، مستو على العرش، محتو على الملك". ا هـ. ومعنى قوله: "محتو على الملك" أنه محيط بالملك تبارك وتعالى: فإن قيل: إذا نفيتم أن يكون شيء من مخلوقات الله محيطًا به ، فما الجواب عما أثبته الله لنفسه في كتابه، وعلى لسان نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأجمع عليه المسلمون من أن الله سبحانه في السماء؟ فالجواب: أن كون الله في السماء لا يقتضي أن السماء تحيط به، ومن قال ذلك فهو ضال إن قاله من عنده وكاذب أو مخطئ إن نسبه إلى غيره فإن كل من عرف عظمة الله تعالى: وإحاطته بكل شيء، وأن الأرض جميعًا قبضته يوم القيامة، وأنه يطوي السماء كطي السجل للكتب فإنه لن يخطر بباله أن شيئًا من مخلوقاته يمكن أن يحيط به. وعلى هذا فيخرج كونه (في السماء) على أحد معنيين: الأول: أن يراد بالسماء العلو فيكون المعنى أن الله في العلو أي في جهة العلو، والسماء بمعنى العلو ثابت في القرآن قال الله تعالى: الثاني: أن تجعل " في "بمعنى" على " فيكون المعنى أن الله على السماء وقد جاءت "في" بمعنى "على"في مواضع كثيرة من القرآن وغيره قال الله تعالى:
|